عند زيارة مركز مدينة زاكورة، لابد من التوقف لالتقاط صورة تذكارية عند واحدة من أشهر معالم المدينة؛ إنها لوحة التشوير الشهيرة « تمبوكتو 52 يوما ».
يكتسي هذا المكان رمزيةً خاصةً قويةً بصرف النظر عن الصورة النمطية التي قد يوحي بها، لأنه شاهدٌ على الدور الحيوي الذي كانت تلعبه مدينة زاكورة كمحطة تتوقف عندها قوافل التجارة العابرة للصحراء. وهو أيضا تكريم وتذكار لرحلة أوفدها السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي إلى تمبوكتو وغاو بالسودان (مالي الحالي)، بتاريخ 15 أكتوبر 1590 م، بقيادة جودار باشا من أجل توصيل الذهب إلى المغرب.
ملتقى القوافل العابر للصحراء
في القرن السادس عشر، في عهد الدولة السعدية، كان النفوذ المغربي يمتد حتى نهر النيجر في منطقة الساحل الأفريقي. فلا عجب أن أضحى المحور درعة ـ تاغازا ـ تمبوكتو الطريق الذي تؤثره القوافل التجارية العابرة للصحراء المحملة بالملح والذهب ومنتجات الواحات، والسلع المُستقدَمة من أوروبا. ولا شك أنه لم تكن آنذاك من تجارة تضاهي هذه التجارة غير طريق الحرير الشهيرة.
وكانت واحة زاكورة محطة لا مناص من التوقف عندها، فصارت ملتقى القوافل الكبرى التي كانت تحط بها الرحال من أجل التزود وأداء رسوم حق المرور والأمان، مما ساهم في ازدهارها ورفائها في تلك الفترة.
ولا تزال اللافتة « تمبوكتو 52 يوما » منتصبةً شاهدةً على زهو تلك الفترة وعلى أهمية واحة زاكورة آنذاك كمحطة من كبريات محطات التجارة العابرة للصحراء.
في تاريخ 15 مارس 1591 م وقعت معركة تونديبي الحاسمة؛ فقد أرسل السلطان أحمد المنصور الذهبي جيشه لمواجهة جيوش إمبراطورية سونغاي (أو سونغهاي / صنغهاي) وهزم ملكها إسحاق أسكيا، وسيطر على غاو وتمبوكتو حيث استقر الأرما (أو الرماة)، وهي أرستقراطية مغربية، بقيت تمارس نفوذها بالمنطقة إلى غاية ظهور المستعمرات الفرنسية سنة 1893 م.
وقد توقفت هذه الحملة العسكرية آنذاك بزاكوة وهي في طريقها إلى إمبراطورية سونغاي، و « لوحة تمبوكتو 52 يوما » لا تزال حية شاهدة على هذا الحدث التاريخي.