مدينة الريصاني هي مهد تأسيس الدولة العلوية الشريفة، وهي مركز أساسي بإقليم الراشيدية. فهي تتمتع، بصفتها وريثة المدينة التاريخية سجلماسة، بطابع ديني وتجاري مميز بالجهة. وتفتخر بقصورها البهية التي تعود إلى قرون مضت، والتي تتخللها الواحات الغنّاء، وبمآثرها المحملة بعبَق التاريخ، وعلى الخصوص بسوقها القائم منذ القرن الثامن.
إن زيارة مدينة الريصاني التي تقع على مسافة 20 كلم من أرفود تجربةٌ فريدة، ففيها يمتزج السفر عبر الزمن بالغوص في أعرق الأسواق الأصيلة بالمغرب.
سوق عريقة
الريصاني هي قلب التجارة الإقليمية، وذلك بفضل سوقها ذات الألف عبَق. فساحة السوق مكان للقاء والتبادل حيث تستقبل السواقة (التجار) الوافدين عليها من مئات القصور المجاورة.
وتدب في السوق حركة استثنائية أيام الثلاثاء والخميس والأحد على الخصوص. ويتسم بشساعته، وضمه لعدة قطاعات متفرقة، تسمى الرحبات، أي الساحات. وفيها يعرض التجار سلعهم المتنوعة، المحلية منها والمستوردة، لتلبية احتياجات السكان اليومية.
وفي ملتقى الدروب المغطاة، تجد رحبة التمور، ورحبة الحبوب، ورحبة المواشي، والمواد الغذائية المعروضة، وسوق المنتجات التقليدية، ومحلات بيع الملابس والتجهيزات المنزلية، وورشات الحدادة والنجارة. وتضم السوق كذلك مكانا مخصصا للخدمات مثل المطاعم التي تقدم المدفونة (نوع من الخبز المحشو) الأصيلة اللذيذة التي تتميز بها المنطقة.
ومن الجدير أيضا ذكر موقف دواب التجار والزوار، حيث تتكدس الحمير والبغال بالعشرات مُحدِثةً صخبا عجيبا.
إن جولة في أرجاء هذه السوق، تبين للزائر مدى أهميتها في النشاط الاقتصادي بالجهة، وتعود بالذاكرة إلى سجلماسة في فترة أوجها.
جولة عبر الزمن
تنتصب مدينة الريصاني بقلب المدينة التاريخية سجلماسة. وهي تتميز بجاذبية استثنائية بفضل مناخها شبه الصحراوي، وبتعدد الأماكن التي تكتنفها، غير سوقها الشهير.
ولعل أشهر مآثر المدينة هو ضريح مولاي علي الشريف، مؤسس الدولة العلوية المجيدة. وهناك مآثر أخرى متفرقة بالمدينة ونواحيها، منها القصور التي أعيد بناؤها في القرن السابع عشر على يد السلطان مولاي اسماعيل، والتي ما زالت تحتفظ ببعض معالم الهندسة المعمارية القديمة.
من هذه القصور، نذكر على سبيل المثال وليس الحصر : قصر أولاد عبد الحليم، قصبة الريصاني، قصر الفداء، قصر عبار المخزن،… والوصول إليها كلها سهل ومُيسَّر.
كما أن المدينة تعد مرحلة أساسية من مراحل مسار الألف قصبة، حيث أنها تقع بالضبط بموقع سجلماسة، التي كانت فيما مضى محطة رئيسية من محطات قوافل التجارة العابرة للصحراء.
تشتهر المنطقة بكنوزها الجيولوجية والأركيولوجية. فطريق أرفود إلى الريصاني تمر على عدة متاحف المستحاثات والمعادن، حيث تُعرض مجموعات الأحجار، وعينات المستحاثات المحفوظة بل وحتى هياكل كامل لبعض الديناصورات ! هنا يمكن التمتع ببقايا كانت شاهدة على ما قبل التاريخ، بقايا محفوظة أكثر من أي مكان آخر في العالم، وهنا يمكن كذلك اقتناء تذكارات وتُحف زينة أصلية.